29.4.15

فلسفة في الاتحاد قوة

الكل راغب بالوحدة بين فتح وحماس تنفيذا لمبدأ في الاتحاد قوة، أو يا عمال العالم اتحدوا، والكل يعرف قصة الأب الذي دعا أولاده للوحدة فأعطاهم مجموعة عيدان ليكسروها فلم يستطيعوا إلا بعد تفريق العيدان، الأحاديث الشريفة كثيرة والقرآن الكريم يحثنا على ذلك.

هذه المقولات وهذه القصة مبدأها رياضيات وفيزياء فهي على قانون: الكل اكبر من المجموع الحسابي للأشياء.
السر هنا يكمن أولا: في الروابط التي تسري بين الأفراد عند اجتماعهم، فتصبح كالشبكة تشدّهم إلى بعضهم البعض، فهذه الروابط تشكل قاعدة عضوية ترتكز إليها المجموعة.

وثانيا: في المجموعة تنمو العواطف الايجابية بين الأفراد نتيجة العلاقات الطيبة، هذه العواطف ضرورية لاستيعاب التوترات ومهمة لالتئام الجروح وإطفاء نار الاحتكاكات في الفريق.

هذا كله يولّد طاقة إضافية لم تكن موجودة لو جمعت القدرات المنفردة جمعا حسابيا، هذه العلاقات والعواطف يمكن تشبيهها بشبكة الحديد والأفراد فيها كالجبلة في صبة الباطون، فيزيد التماسك وتتضخم القدرة على الصمود أمام التحديات، و يصبح حل المشكلات أسرع لتوفر الحكمة والأمان والوضوح والقوة.

ولتبسيط الموضوع نضرب مثال السفن: فكلما لُحمت صفائح الفولاذ إلى بعضها كلما تضاعفت الحمولات وفاقت ما تستطيع حمله الألواح لو كانت منفردة.

هل يفهم قادة منظمة التحرير الفلسطينية هذا أم بحاجة لدرس في الرياضيات والاجتماع والسياسة، ولا عجب مما نحن فيه إن عرف السبب.

14.4.15

المشاركة

كنت ذكرت سابقا أن من صفات القائد أن يجمع بين العلوم الطبيعية والنفسية والاجتماعية.
اليوم سأشرح مثالا:
فلو سألتك لماذا البحر الميت مات، أي لا يعيش فيه السمك، ستجيب إجابة تقليدية مثل الكل، وأنا سألت قبلك المئات.

لتعطي إجابة قريبة من الصحة عليك أن تستخدم من الفيزياء قانون الأواني المستطرقة والذي يقول أن السائل يتوزع في الأنابيب بالتساوي بغض النظر عن طولها وعرضها، وذلك لتفهم أن المحيطات والبحار كلها على مستوى واحد وهذا ما نسميه بسطح البحر.

والقانون الثاني الذي يجب أن تفكر فيه من علوم الذات هو قانون البخل وعدم العطاء الذي يؤدي إلى التخمة والسمنة والعفونة ومن ثم الى الأمراض وموت الجسد، وفي الماء الساكن او الراكد لا يعيش السمك، بمعنى لا إزدهار للحياة.

والقانون الثالث الذي يجب أن نعرفه من علم الاجتماع هو قانون المشاركة والشورى والمكاشفة.
نرجع للبحر الميت: انه يقع في منخفض ومن المفروض أن يكون غنيا بالحياة لأنه سيكون مصبا لبقية البحار، إلا انه ميت ومالح جدا، وسبب موته أنه مغلق من الناحية الجنوبية بسبب التغيرات في قشرة سطح الأرض، فلم يعد قادرا على الاتصال ببحار أخرى لتفريغ ما لديه، أي انه لا يشارك وأناني كالبخيل فمات وسوف يختفي.

كلنا نحب الاحتكار والتفرد ولا نريد مشاركة الآخرين، ونحشر المعلومة والمهارة والمعرفة، فنموت مع الزمن، الرئيس يحتكر الكرسي، والمدير يستعبد موظفيه، والأخ يبخل على أخيه والغني اللّهم نفسي، فالكل أموات متحركة مثل الزومبيز.

4.4.15

العصبية العربية


لا أنا عصبي ولا عندي عصبية لشيء، أنا منفتح ومتسامح إلا فيما يخص اللغة العربية، هنا يركبني الجنون عندما أرى الناس يكتبون العربية بحروف أجنبية "عربيزي"، يصيبني حزن ما بعده حزن.

أنا لست ضد اللغات الأجنبية،    بل على العكس أشجع الثقافة الواسعة وأهمها تعلم اللغات الأخرى، وأتقن الانجليزية والروسية إضافة للعربية والعبرية.

وعندما يخاطبونني على الفيسبوك لا أرد عليهم إن لم تكن الكتابة عربية بالعربي أو انجليزية بالانجليزي. لأن كتابة العربي بالانجليزي هي مظهر من مظاهر جهل الكاتب بلغته العربية وضعف ثقافته، فلو كان هذا الشخص يعرف الانجليزية جيدا لكتب عبارات انجليزية واضحة وصحيحة لغويا، وأضف الى ذلك أن من يعرف العربية جيدا يعرف الانجليزية جيدا.

ما يحصل على وسائل الاتصال الاجتماعي كارثة ويكشف الكثير من ضعف التعليم والثقافة، حتى أنني أصبحت أخاف على اللغة العربية من الجروح التشوهات .

هنا أريد أن أوضح نقطتان:
أولا: أن سبب تخلفنا هو موت لغتنا وسبب موت لغتنا هو تخلفنا، وبرأيي نحن متخلفون عن أوروبا أكثر من 800 سنة، ولهذه القصة سأفرد حلقة كاملة.

ثانيا: اللغة يا جماعة جزء أساسي من الهوية والتراث والحضارة والثقافة والدين، ولغتنا كانت غنية ومتينة وسلسة وعلمية وموسيقية فيها جمال وحب ومعرفة وثقافة وبحور وسماء ونجوم.

كانت حية تستوعب كلمات جديدة ويخرج منها كلمات قديمة، لكنها في القرون الماضية كالأرض تعرضت لمؤامرة ومذبحة وتقطيع فاستُنزفت قوتُها. وهي تشرف على الموت إن لم نهب لنجدتها فأرجوكم لا تقتلوها.

أريد أن أقول للذين يكتبون العربية بالإنجليزية أن النص يكون فقيرا إذا لم يحتو على مفردات وتراكيب نحوية وجماليات لغوية إضافة إلى الفكرة، والنص يدل على ثقافة كاتبه بل هو الكاتب بعينه.

من يريد أن يكتب نصا بالعربية فليكن بالعربية حرفا واتجاها ولفظا ارحموا لغتنا يرحمكم الله.